قصه جديده
انت في الصفحة 1 من 17 صفحات
ابناء يعقوب
بقلم ولاء رفعت
زاهد في كل شيء في الناس والأرض وحتى في اختيار الزوجة الزهد كان متأصلا فيه اعتزل كل وسواس يراوغه دائما كان يفكر في نهايته ما همه بالدنيا وما فيها
في شارع الغورية الشهير داخل حي الجمالية حيث المنازل الأثرية التي تحمل من عبق التاريخ وأصالة الماضي وهنا في منتصف الشارع أمام متجر تعلوه لافتة مدون عليها يعقوب وولده للمفروشات
ألف مبروك يا حاج يعقوب
ظهرت على ملامح يعقوب ابتسامة وقور وأجاب
الله يبارك فيكم حاج مرة واحدة يا رب اكتبها لنا
تدخل أحدهم ومد يده بكوب من الشاي إلى يعقوب قائلا
لكزه في كتفه مازحا
يا راجل يا بكاش ده أنت لو دبحت أرنب ممكن يجرى لك حاجة
حك الرجل فروة رأسه بحرج ثم ابتسم
مش بخل مني ما أنت عارف أم محمود واخدة كل قرش فى جيبي عندها اعتقاد إني ممكن أتجوز عليها أنا عارف مين اللى مدخل في دماغها الأفكار دي مفيش غيرها الولية حماتي ربنا يهدها
خد يا عرفة
رفع عينيه حتى تكاد تخرج من محجريهما وهو يتأمل المبلغ ثم رفع يده بامتنان وقال
تسلم لي يا معلم مستورة والحمد لله وبعدين لسه قابض منك من تلات أيام
أخبره يعقوب
دول مش ليك دول هتاخدهم وتوزع منهم مع كل طبق فتة ولحمة على كل فقير ومحتاج فهمت يا عرفة
أمرك يا معلم ربنا يبارك لك ويعمر بيتك
و في مكان تملؤه رائحة البخور الكثيفة حيث الجدران المعلق عليها بقايا عظام رؤوس الحيوانات وجلود الماعز تشعر بقشعريرة تسري في جميع أنحاء جسدك عندما تخطو قدمك في ذلك المنزل الملعۏن فداخله تمارس طقوس السحر والشعوذة وأمور الدجل التي تقوم بها الشيخة حسنات كما يناديها أهل الحارة
قولي طلباتك يا راوية يا بنت كوثر
ابتلعت الأخرى لعابها وبصوت يكاد يصل إلى سمع حسنات
أنا أنا كنت عايزة حاجة تخليني أحمل تانى وجوزي ما يتجوزش علي
أخذت من جوارها كتاب قديم قامت بفتحه وتناولت ريشة لإحدى الطيور وضعتها في زجاجة داخلها سائل أحمر يشبه الډماء أخرجت من بين طيات الكتاب ورقة بيضاء ثم قامت بتدوين رموز وأحرف وأرقام بطريقة عشوائية وهي تردد بعض التعويذات بصوت خاڤت وبعدما انتهت قامت بطي الورقة عدة مرات حتى أصبحت في حجم صغير على شكل مثلث تناولت من جوارها على الجهة الأخرى صرة من القماش الأبيض وضعت الورقة داخلها وعقدت الصرة بخيط رفيع
بعدما انتهت من عقدها مدت يدها بها إلى راوية التي أخذته بيد ترتعش پخوف فألقت هذه الدجالة تعليماتها الاحتيالية
تحطي له العمل ده في أى حاجة بيحب يشربها
هو بيحب يشرب العرق سوس
عقبت الأخرى
هو ده المطلوب وانتي بتنقعي العرق سوس حطي العمل يتنقع فيه والأحسن يشربه قبل ما انتي فاهمة بقى
ابتسمت راوية بخجل فأردفت الأخرى
يفوت شهر والتانى تكوني حبلى على طول
حقه لو ده حصل ليكي حلاوة كبيرة قوي
رفعت شفتيها جانبا بسخرية من
حديثها ثم قالت بعتاب
كنت
شوفت منك أيام ما حملتي في المحروس ابنك
خالج التوتر ملامحها وأجابت
ياه لسه فاكرة يا حسنات ده من سبع سنين وبعدين ما انتي لسه واخده مني من قبل ما أدخل أربعة تلاف جنيه ربنا يعلم جايباهم ازاي
رفعت الأخرى حاجبها الأيسر وتشدقت
أنا عمري ما بنسى شغلي أبدا يا راوية وكله بتمنه
نهضت وكأنها تذكرت شيئا ما
شوفتي الكلام خدنا وزمان سي يعقوب راح على البيت ولو ما لاقنيش مش هخلص من أسئلته ولو عرف إني كنت عندك ممكن يطلقني فيها عن إذنك
أنهت حديثها بالاستئذان وذهبت من أمامها كانت تتوجس خيفة أن تلك الكلمات التي تفوهت بها هذه المرأة تصل إلى زوجها الذي يمقت هؤلاء السحرة والدجالين
فعندما تأخرت في الإنجاب أكثر من عام لجأت لهذه العرافة لتصنع لها ما يعرف بالحجاب من أجل أن تنجب فهي تخشى أن يتزوج زوجها من أخرى لجأت إلى حيل الشيطان وخداعه الماكر فأنجبت نبتة فاسدة
صدى رنين الجرس المزعج يدوى في أرجاء المنزل تفوق عليه في الإزعاج صوت هذه السيدة ذات القد الممتلئ
أيوه يا اللي بترن الجرس مالك متسربع على إيه
هو انت!
شيلي عني يا وليه
تناولت من يديه الأكياس وهي تحدق إليه بامتعاض وتهكم في آن واحد
هات يا أخويا هات يا سبعي
أخبرها دون أن يعقب على سخريتها المتواصلة منه
انجزي وخلصي الأكل عشان نلحق نوزع الأطباق مش عايز أسمع كلمتين من المعلم
سألته متجهة إلى المطبخ
وعلى كدا هينوبنا إيه من لحمة العجل دى
أطلق زفرة لعلها تخرج ما بداخله من ضيق وضجر من زوجته فأجاب
هناخد كيس لحمة وبس الراجل دابح العجل عشان يوزعه كله لله مش لينا يا هويدا
لم تعقب بل أخذت تتحدث بسخط وبصوت لا يسمعه أحدا سواها
قال يعنى إحنا مش غلابة
ألقت نظرة لتتأكد أن زوجها لم يرها فأخذت أحد الأكياس المليئة باللحم ثم فتحت مجمد الثلاجة ووضعت الكيس داخله وإذا بها تنتفض من صوت صړاخ يأتي من الشقة المقابلة
يا ساتر يا رب
قالتها وركضت إلى الردهة فرأت زوجها يشير إليها بيده قائلا
خليكي عندك وكملي الأكل أنا هروح أشوف إيه ربنا يستر
خرج وذهب ليطرق باب الشقة المقابلة مناديا
حاج حسين يا آنسة رقية
فتحت الباب فتاة في بداية العشرينات تبكي پخوف وهلع تخبره من بين بكائها
ألحقني يا أستاذ عرفة بابا جيت أصحيه عشان أدي له الدوا ما بيقومش خالص ولا بينطق
ولج عرفة إلى الداخل في الحال واتجه إلى غرفة نوم جاره أمسك بإحدى يديه يده وباليد الأخرى ربت على خده
يا حاج حسين
لازم ننقله للمستشفى حالا
وفي داخل المستشفى التابع للحي وقفت الفتاة أمام غرفة الفحص تبكي ويقف أمامها عرفة وزوجته التي قالت إليها بمواساة زائفة
اطمني يا رقية أبوكي إن شاء الله هيقوم بالسلامة ملوش لازمة ټعيطي عليه ولا كأنه ماټ
وكزها زوجها بمرفقه في ذراعها يوبخها بصوت خاڤت
يا ولية الملافظ سعد هي البنت في إيه ولا إيه
خرج الطبيب فنهضت رقية بلهفة وقلق تسأله
بابا عامل إيه دلوقتي
أخبرها الطبيب ويبدو على وجهه التوتر والقلق
لازم ندخله العمليات حالا لأنه مصاپ
بجلطة في القلب
قالت للطبيب برجاء
بالله عليك يا دكتور أعمل له أي حاجة بس يقوم بالسلامة
نظر الطبيب إليها بأسف قائلا
ما هو لازم حضرتك تدفعي على الأقل نص فلوس العملية والباقي بعد ما يخرج
شحب وجهها وهي تنظر إلى محفظة نقودها أخرجت منها كل ما تملك قائلة
كل اللي أملكه حوالي ألف جنية
أخبرها الطبيب بحرج شديد
والله يا آنسة رقية لو كان بإيدى كنت وافقت بس العملية تكلفتها حوالي عشرة تلاف جنيه ونظام المستشفى هنا لازم تدفعي على الأقل ربع المبلغ تحت الحساب
هنا تدخل عرفة وهو يخرج المال الذي أعطاه يعقوب إياه أوقفته زوجته وسألته
إيه الفلوس دي
جذب ذراعه من قبضتها قائلا
أوعى يا ولية دي فلوس المعلم كنت هوزعها لله وأهى جت في الوقت المناسب
اقترب من الطبيب وأخبره
لو سمحت يا دكتور معايا حوالي تلات تلاف جنيه ينفعوا دلوقتي عقبال ما نتصرف في الباقي
أجاب الطبيب وهو يشير له نحو أخر الرواق
ينفع طبعا وباقي المبلغ بعد العملية على طول
ألتفت إلى زوجته وأمرها قائلا
بقولك إيه خدي بالك منها عقبال ما أخطف رجلي وأروح للمعلم أجيب منه باقي الفلوس وراجع على طول
أجابت على مضض
حاضر يا أخويا أديني جمبها هروح فين يعني
قالت
رقية إليه بامتنان
شكرا جدا يا أستاذ عرفة مش عارفة أرد جميلك دا ازاي ربنا يقدرنى وبابا يقوم بالسلامة وهرد لك الفلوس
ما تقوليش كدا الحاج حسين زى أبويا وفي الأول والآخر احنا جيران
دفعته زوجته
جانبا وقالت
أيوه يا رقية يا ختي ده حتى النبي وصى على سابع جار
ونظرت إلى زوجها وأردفت
يلا يا عرفة روح عشان تلحق تجيب الفلوس
ولج من باب منزله يتحمحم ويقول
السلام عليكم يا أهل الدار
خرجت من الغرفة والقلق يسرى بداخلها خوفا إنه ربما قد رآها عندما خرجت من منزل الشيخة حسنات العرافة ازدردت ريقها ثم بادلته التحية
وعليكم السلام يا سى يعقوب حمد لله على السلامة
ركضت نحوه لتلتقط الوشاح الحريري الذي يلقيه على كتفه جلس على الأريكة فچثت على ركبتيها أمامه لتخلع عنه حذائه الأسود سألها بحدة
أمال فين جاسر
كانت أختي هنا الصبح ومسك في حمزة ابنها خدوه معاهم
نظر إليها پغضب وصاح بها
مش قولت مېت مرة ابنك ما يقعدش مع الواد ابن أختك ده تاني
وماله ابن أختي إن شاء الله
قد مل من ذلك الحديث الذي يكرره إليها عندما تسأله فأجاب بامتعاض
لأنه عيل متدلع وقليل الرباية ودايما بيحرضه على المصاېب ولا نسيتي لما خلاه يفهمنا إنه بيروح المدرسة ولولا جواب الإنذار كان زمان ابنك مرفوض
نهضت ووقفت أمامه عاقدة ساعديها قائلة
ما خلاص يا يعقوب مش كل مرة تقول نفس الكلام
شعر بسأم من الحديث معها يعلم خصالها السيئة والتي
أشهرها العناد والإصرار أشار إليها بيده وقال
روحي يا راوية حضري ليا الغدا ربنا يهديكي
صدح رنين جرس منزله فكادت تتجه نحو الباب فأوقفها
ادخلي أنتي جوه هاشوف أنا مين
ظهر إليه عرفة ويبدو عليه العجلة من أمره ألقى عليه التحية فبادله يعقوب ثم سأله
خير يا عرفة فيه إيه اللحمة ما كفتش الناس
ابتلع ريقه وأخبره
بص يا معلم عم حسين اللي حكيت لك عنه اللي بيته وقع السنة اللي فاتت بسبب الزلزال وجه سكن في الشقة اللي قصادنا
ماله
ألتقط أنفاسه ثم أجاب
تعب ودخل المستشفى والدكتور قال لينا لازم يعمل عملية لأنه بعيد عنك جاله جلطة في القلب والعملية تكلفتها عشرة تلاف جنيه بنته الوحيدة معهاش غير ألف فبصراحة