السبت 23 نوفمبر 2024

رحله الآثام منال سالم

انت في الصفحة 7 من 87 صفحات

موقع أيام نيوز

من صباحية ربنا إيه مابيفصلوش. انزعجت الأخيرة مما اعتبرته لزاجتها المنفرة وانتشلت مرفقها من تحت يدها بصعوبة لتسرع في خطواتها وكأنها تفر منها فحاولت الأولى اللحاق بها وهي تسألها إنتي رايحة فين كده أجابت مندفعة نحو الأمام ودون أن تلتفت إليها هشوف مكان التدريب. انقلبت سحنتها هاتفة في تأفف وقد تمكنت من بلوغها يا خسارة كان نفسي نكون سوا. حانت من تهاني نظرة جانبية من طرف عينها أن تسمعها الحمدلله. استغربت من كلامها وسألتها بحاجبين معقودين الحمدلله على إيه المماطلة أو المراوغة معها لن يأتي بجدواه أبدا عليها أن تكون مباشرة وواضحة إذ ربما تعي في نهاية الأمر أن صداقتهما ليست كما تظن دائمة مستديمة وإنما فرضت عليها بحكم الواقع ولهذا عليها أن تضع الحدود في تهما معا. توقفت تهاني عن السير لتستدير ناحيتها وبدأت تكلمها بتعابير جادة ابتهال يا حبيبتي أنا عاوزاكي تعتمدي على نفسك ماتفضليش لازقة كده في الناس عشان ما يزهقوش منك. علقت مستنكرة حديثها وهو في حد يقدر يستغنى عن هزاري وفرفشتي إنتي واحدة ناضجة والمفروض تكوني مستقلة. احنا في غربة ولازم نكون إيد واحدة. هناك فرق بين التعاون مع الآخرين وبين ملازمتهم كظلهم ليل نهار غير تاركين أي متنفس لهم أدركت تهاني أن محاولة إفهامها طبيعة مشكلتها لن يكون بالأمر اليسير فأثرت الذهاب وهتفت مشيرة بيدها نحو الفراغ الظاهر العربية اللي مستنياني جت سلام. سألتها من خلفها بشكل آلي غير مانحة نفسها الفرصة لسماع أي جواب طب هترجعي إمتى وهناكل سوا ولا هتتأخري والغسيل هنعمل في إيه ده احنا المفروض ف نقصدنا إيه من الطلبات ونجيبه تجاهلتها كليا وزادت من سرعة خطواتها فنادتها عاليا يا تهاني! ردي عليا! طب المحاضرات ال .... سدت أذنيها عنها رافضة الإنصات لما تردده من بعيد إلى أن خرجت من البوابة الرئيسية حينئذ تنفست الصعداء وهتفت مبرطمة بصوت خفيض كأنما تخاطب نفسها يا ساتر يا رب بجد إنسانة تخنق وتخليك تخرج عن شك. إدراكها بأن قطار العنوسة ېهدد فرص زواجها جعلت همومها تزداد يوما بعد يوم خاصة أن ابنتها افتقرت لمسحة من الجمال الجذاب الذي يسلب عقول الرجال ويجعلهم يتلهفون شوقا على الارتباط بها ومع ذلك امتلكت سمات أخرى محمودة في الزوجة من كونها مدبرة جيدة تجيد الطهي والتنظيف ولينة سهلة التشكيل طوع بنان من يملك زمام أمرها لهذا لجأت للمتعارف عليه من الطرق التقليدية لعل وعسى تجد الزوج المناسب لها في الأخير وإن كان فقيرا معدما لن تمانع مطلقا أو تضع العقبات لتزويجها ستفعل المستحيل لتراها مستقرة مع أحدهم. اصطحبت عقيلة ابنتها معها لزيارة شقيقتها القاطنة على مسافة قريبة من مسكنها فاستتهما الأخيرة بترحاب حار وودود جعل اللقاء بها ممتعا. جلست الشقيقتان متجاورتان على مصطبة قديمة مجاورة للة تضحكان في ألفة ومحبة عاتبت أفكار شقيقتها الصغرى بنظرة حانية وهي تشير إلى ما أحضرته معها مما لذ وطاب مكانش ليه لازمة التعب ده هو أنا غريبة. أبدت اعتذارها منها بلطافة وهي تربت على فخذها برفق ده أنا مقصرة معاكي ياختي أديلي زمن ما شوفتكيش. ثم أعطت ابنتها أمرا واضحا قومي علقي على الشاي يا دوسة. مسحت الأخيرة على جانبي الثوب الذي ترتديه لتفرده وهي تنهض وقالت مبتسمة حاضر يامه. استطاعت الانفراد بشقيقتها بعد أن صرفتها لئلا تساورها الشكوك وهي تستفيض في الحديث معها. استهلت عقيلة كلامها متسائلة بشكل روتيني وإنتي إزاي صحتك دلوقتي أجابت مة في رضا في نعمة والحمدلله. كان التعليق التالي منها مصحوبا ببسمة مماثلة يستاهل الحمد. تولت أفكار دفة الحديث مجددا فمال ناحية شقيقتها تسألها باهتمام مافيش جديد عن بنتك تهاني هزت رأسها نافية وهي تجيبها لا لسه أدينا مستنين منها مكالمة ولا جواب تطمنا بيه على أحوالها. عاتبتها وهي مقطبة الجبين مكانش لازم تسبيها يا أم تهاني السفر للبنات مش حلو... ثم خفضت من نبرتها خاتمة جملها بتحذير أ قلبها بارتجافة متوجسة وإنتي أدرى الناس باللي بيحصل ولو غاب الرقيب. ردت برجاء إن شاءالله ما يحصلش حاجة أنا اللي مطمني إن العلم واكل دماغها. أخفت عقيلة قلقها الذي انبثق بداخلها لتنظر إلى ابنتها عندما عادت وهي تحمل صينية بها أكواب الشاي تكملت الأخيرة مة وهي تناول الكوب الزجاجي لخالتها الشاي أهوو يا خالتي... ثم أعطت والدتها خاصتها وتابعت مشيرة بيدها الأخرى الطليقة كأنما تشرح لها وابور الجاز عاوز يتصلح مرضاش يولع خالص. ارتسم الع على وجه أفكار وهي تفسر لها سبب عطله ده بقاله يومين على الحال ده عاوزة أشوف حد يبص عليه ده إيدي ورجلي هنا لأحسن مبقدرش أقف على البوتجاز كتير. من تلقاء نفسها اقترحت عقيلة نوديه عند أبو منسي هو أجدع واحد يسلك بوابير الجاز. استحسنت شقيقتها الفكرة وعاودت النظر إلى فردوس عندما وجهت أمها إليها الحديث بصيغة شبه آمرة ابقي جهزيه يا دوسة ناخده معانا واحنا نازلين. أبدت طاعتها المعتادة عندما ردت حاضر يامه. دعت لها خالتها وهي تبتسم لها نتعبلك كده نهار فرحتنا بيكي يا غالية. تورد وجهها من الخجل وقالت وهي تجلس في الخلف على الكرسي الخشبي تسلميلي يا خالتي. تسامر بعد ذلك ثلاثتهن في مواضيع شتى دارت غالبيتها حول مشاكل الجيران وأهالي المنطقة أخرجهن من التفاصيل المتشعبة صوت قرع الجرس وقتئذ انت أفكار في جلستها فقد سعت بجهد جهيد للتحايل على الظروف المعاندة من أجل خلق فرصة مناسبة لابنة شقيقتها فإذ ربما يحدث المراد وتلقى القبول من أحد الأغراب. في التو فردت كتفيها قائلة بلهجة ودية لكنها آمرة قومي شوفي مين على الباب يا دوسة. امتثلت لطلبها قائلة وهي تنهض من موضعها حاضر يا خالتي. استدارت ولم تلحظ النظرات المعقودة على آمال كبيرة تجاهها وهي تتعلق بظهرها أثناء ذهابها بعيدا عنهما سارت فردوس بتعجل نحو الباب لتفتحه فتفاجأت بوجود أحدهم يسد عليها الفراغ له طول فاره وبشرة وجه سمراء وشعر قصير فاحم مموج يرتدي ا مخططا يجمع بين درجات اللون الأزرق على بنطال من الجينز. انفرجت تاها عن دهشة متعجبة سرعان ما تنبهت لكونها قد أطالت التحديق فيه عندما بادر ملقيا التحية سلام عليكم. أطرقت رأسها حرجا وهي ترد وعليكم السلام. سألها متحاشيا النظر تجاهها الحاجة أفكار موجودة لم تتمكن من الإجابة عليه حيث أسمعته خالتها صوتها وهي تخبره من الداخل تعالى يا بدري أنا هنا. عندئذ تنحت للجانب لتسمح له بالمرور فرأته ممسكا بحقيبة معدنية في يده. خفض بدري من صوته مرددا يا رب يا ساتر. تقدم ناحية صاحبة البيت التي أتت إليه هاتفا بنوع من الاحترام إزيك يا حاجة قالت وهي تقترب منه بتعابير بشوشة في نعمة والحمدلله مواعيدك مظبوطة يا بدري. ضحك معلقا بعدها في مرح إنتي عارفاني مقدرش أتأخر عليكي. ربتت على جانب ذراعه تشكره تعيش يا ابني. سأله مستفسرا وهو يرفع يده الحرة ليضعها على ة ه كلزمة تلقائية إيه المشكلة أخبرته بقليل من التجهم الحنفية عمالة تنقط ومش عارفة إن كانت عاوزة چلدة جديدة ولا آ... قاطعها أن تتم جملتها بعد أن استنبط طبيعة مشكلتها أنا هشوفهالك. تهللت أساريرها للأمر وقالت بنظرة غامضة مخاطبة ابنة شقيقتها روحي معاه يا فردوس... قفزت الأخيرة في مكانها مشدوهة للطلب غير المتوقع منها فبرقت عيناها تجاهها وظلت على حالتها المصډومة وهي تتابع أوامرها لها وخليكي على إيده لحد ما يخلص ماتسبيهوش وشوفي طلباته لأحسن ركبي شادة عليا ومش قادرة أقف على حيلي. لعقت تيها الجافتين ورددت في صوت مهتز حاضر يا خالتي. سارت في إثره بخطوات متعثرة تدل على ارتباكها فلم تختل مطلقا بأحد الغرباء عنها دون وجود أمها إلى جوارها لكن بداخلها استشعرت ترتيبا خفيا يتم من أجلها ويا ليته يأتي بنتيجة مرجوة! غابت عقيلة عن المشهد متعمدة لئلا تسبب الحرج لابنتها لكنها استرقت السمع من موضعها رفعت كفيها للسماء وراح لسانها يدعو في رجاء شديد ربنا يجعل في وشك القبول المرادي. انضمت إليها شقيقتها وهي تختم دعائها فقالت هي الأخرى يا رب ياختي. عم الوجوم على ملامح عقيلة فاستطردت في نبرة مهمومة البت دي بختها قليل أوي وخاېفة أموت وأفوتها كده لوحدها لا سند ولا ضهر. من فورها ردت أفكار بنظرة معاتبة بعد الشړ عليكي متقوليش كده حسك بالدنيا يا حبيبتي وبعدين كل شيء قسمة ونصيب ووقت ما يجي نصيبها محدش هيحوشه. تنهدت مليا وببطء أن تضيف والأمل يبزغ في أعماقها يسمع منك ربنا. لم يحدث جلبة وهو يعمل في صمت لتبديل قلب الصنبور غير الصالح بآخر جديد انهمك في أداء ما جاء لأجله بتركيز شديد كأنه جراح يجري عملية جراحية دقيقة تتطلب كافة طاقته وقدراته ومع ذلك انتهزت الفرصة لتراقبه بغير حرج وتتأمله عن قرب الآن تفقه ذهنها لسبب إصرار والدتها على ارتداء أحد أثواب شقيقتها وكانت ممتنة لذلك وإلا لبدا مظهرها أقرب للخادمات عن الشابات اليافعات. مسدت فردوس على جانبيها بخفة لتفرد ما تجعد من القماش ثم رفعت يدها للأعلى لتمسح سريعا على مقدمة رأسها لتتأكد من تسوية شعرها. فتشت بنظراتها سريعا عن شيء لامع يشبه المرآة لتلقي نظرة خاطفة على وجهها. انتفضت مرة واحدة عندما تكلم فجأة دون استهلال أنا كده ظبطت الحنفية وكله بقى تمام. وكأن لسانها قد علق بداخل جوفها فاستغرقها الأمر لحظات حتى ترد عليه بابتسامة مشوبة بالخجل تسلم .. تعبناك معانا. جمع عدته المتناثرة هنا وهناك في صندوقه المعدني فسألته وقد تسرب الخجل إلى ها فاندفع مسببا توردا خفيفا في وجنتيها تحب أعملك شاي أجاب بلا تردد وفي التو يا ريت. سألته مبتسمة وهي ترمش بعينيها كام معلقة سكر قال وهو يستقيم وا تلاتة. لوهلة شعرت بنظراته تطوف عليها كأنما تفحصها وتتفرس فيها فزاد خجلها وشها بالارتباك إنها مرتها الأولى التي تتعرض فيها لمثل هذه النوعية من النظرات القريبة المهتمة إحساسها كأنثى مرغوبة جعلها تشعر بالة والسرور فقلما وجدت من أحدهم ذاك الاهتمام بسبب استحواذ شقيقتها على كل الانتباه والإعجاب. تضاعفت ربكتها مع قدوم خالتها لتتساءل في مكر إيه الأخبار يا ولاد بلهفة عجيبة أجابت فردوس وقد ملأ الإشراق قسماتها الأسطى بدري صلح الحنفية خلاص. أطلقت أفكار ضحكة مرحة أن تمتدحه طول عمره أسطى أد الدنيا. هتف مجاملا وهو يسير تجاهها كتر خيرك يا حاجة. أشارت له بالتحرك

انت في الصفحة 7 من 87 صفحات