مع وقف التنفيذ بقلم دعاء عبدالرحمن
واضح غادرهو الآخر
ومرت الشهور تلو الشهور وسنة يعقبها سنة تتسابق تتلاحق وكأنها فأر يقرض فى عمر الزمن فى سرعة وخفة لم يلتفت لها فارس وهو منهمك فى تحضير الدكتوراة التى نفذت معه طاقته ولقد كان هو أكثر من مرحب وهو يشعر بتباعد دنيا عنه يوما بعد يوم
ورزقت عبير من بلال بأربع توائم دفعة واحدة وكأن الله سبحانه وتعالى قد صرف لها الأقدار ومنحها دفعة واحدة جوائزه وعطاياه كما لو كانت تزوجت منذ سنوات كثيرة وليس أقل من ثلاث سنوات .
وخاضت مهرة فى مرحلة جديدة وهى مرحلة الثانوية العامة ورحلة بحثها عن ذاتها التى لم تنقطع طوال الفترة السابقة ولكنها ظلت البنت العنيدة التى لا تستسلم بسهولة ولا تصمت على شىء تراه خطأ من وجهة نظرها وكانت تحاكى أفعال فارس فى كل شىء بل وتتحدث مثله وتستمع إليه وتدون النقاط المهمة فى حديثه تحفظها عن ظهر قلب حتى أن الجميع كان يلقبها بالفارس الصغير! كانت أنوثتها قد لاحت فى الأفاق بقوة وطالت قامتها فجأة وأصبحت تضاهى أقرانها بجمال بري مشاكس ملفت للأنظار ولكن فارس لم يراها يوما إلا طفلته الصغيرة العنيدة التى يفخر بها دوما.
طرقت مهرة باب شقة فارس وهى تمسك بيدها بطفلين صغيرين بالكاد أتما السنتين من عمرهما أبتسمت أم فارس وهى تفتح لها الباب وتنظر إلى الولدين فى يدها وقالت وهى تنحنى لتأخذ واحدا منهما وتلاعبه
تعالى يا ام العيال ادخلى
دخلت مهرة وهى تضحك لمداعبة أم فارس وجلست ووضعت طفل منهما على قدمها وأخذت تهزه وتأرجحه و تقول
أعطتهم أم فارس أحد قطع الألعاب الصغيرة وهى تقول
من يوم ما شوفتيهم بعد ما اتولدوا وانت شايلاهم.. بصراحة يا مهرة انت شلتى عبء كبير عن عبير
وضعت مهرة يديها فى
ها وهى تقول بمشاغبة
يا سلام مش ساعتها كنتوا بتقولوا صغيرة ومش هتعرف تخلى بالها منهم.. وعزة مش مكفيها تاخد منهم واحد ..لا كمان كانت طمعانة فى اللى حطيت عينى عليه
هما طبق كشرى بتفرقى فيهم يابنتى.. دول أطفال
بس عرفت اخد بالى منهم ولا لاء
قالت أم فارس بإعجاب
عرفتى وابصملك بالعشرة
دارت مهرة ببصرها فى المنزل وهى تقول
هو فارس لسه مجاش من الشغل
ت أم فارس بيدها على جبينها وهى تقول متذكرة
الأكل على الڼار ېخرب عقلك يا مهرة نستينى
ده زمانه جاى هو ومراته ..عازمها على الغدا عندنا النهاردة
مطت شفتيها بامتعاض وهى تقول بصوت مرتفع
الله
يكون فى عونك يا طنط أنا عارفة هتستحمليها ازاى
خرجت أم فارس من المطبخ ونظرت إلى مهرة
بعتاب وقالت
لاء يا مهرة محبش اسمعك بتقولى كده لو فارس سمعك هيزعل أوى.. دى مراته برضة
بيدها وهى تقول معترضة
مش مراته .. دى خطيبته بس
أبتسمت أم فارس وهى تقول
لاء مدام كتب كتابه عليها تبقى مراته
عادت للمطبخ ثانية تكمل ما بدأته من طعام الغذاء بينما وضعت مهرة الطفلين على الأريكة وأخذت تلاعبهما وتضاحكهما ببعض الألعاب ثم وضعتهما على الأرض يمرحان بألعابهما ووقفت تنظر لغرفة فارس التى اعتادت الدخول إليها يوميا منذ أن كانت مجرد طفلة وقفت وسط الغرفة تتأمل المكان حولها وكأنها تدخل لأول مرة وفعلت كما تفعل يوميا جلست خلف مكتبه الصغير وفتحت أحد أدراجه وأخرجت بعض من صورها الذى التقطت لها وهى صغيرة ومازال فارس محتفظا بها فى درج ذكرياته كما يسميه تأملت صورها قليلا وهى تبتسم تارة لصورتها بشعرها الأشعث المتناثر وصورة أخرى بملابس العيد الجديدة وصورة جمعت بينهما وهما ينظران لبعضهما البعض ويخرج كل منهما ه للآخر بمشاغبة وهى تحمل دميتها المفضلة باربى هدية فارس لها أنتزعها من ذكرياتها صوت ثلاث طرقات على باب الشقة تعرفهم جيدا وتحفظ نغمتهم أعادت الدرج إلى وضعه سريعا وخرجت مسرعة فوجدت والدته قد سبقتها وفتحت الباب ا ورأت دنيا تدلف من الباب ونظرها مصوب باتجاه مهرة برغم من أنها تقبل أم فارس وتصافحها دخل خلفها فارس يلقى السلام فوجد مهرة واقفة مستندة على حافة باب غرفته المفتوحة فابتسم لها وقال محذرا بمزاح
عارفة لو لعبتى فى شغلى من ورايا هعمل فيكى ايه
قالت باندفاع
لا والله
ما لعبت فى حاجة
أبتسم
فارس وهو يشير لدنيا موجها حديثه لمهرة قائلا
مش هتسلمى على دنيا
نظرت لها مهرة فوجدتها تنظر لها ببرود وتبتسم لها ابتسامة صفراء فبادلتها نفس الأبتسامة ونفس النظرة وهى تضغط كلمتها قائلة
أهلا
نظرت لها دنيا بحدة وقالت
يصح بنت كبيرة كده تدخل أوضة راجل غريب ..هى مامتك مبتعلمكيش الحاجات دى ولا