قصه جديده
أحق بتلك اللقمة التى يمنحها إياها..يإست تماما وقد أصبحت دون أهل أو مأوى..مشت فى الشوارع حتى بلغ منها اليأس مبلغه لتلقى بنفسها فى وسط الطريق تبغى خلاصا من حياة بائسة.. ليكبح مراد فرامل سيارته قبل ان يصدمها مباشرة ويهبط منها ..يوبخها بشدة لرعونتها..لټنفجر فى البكاء فيشفق قلبه عليها.. يشعر بوجود مأساة خلف تلك الدموع ..ليأخذ بيدها ويطلب منها ان تحكى له مأساتها لتخبره بكل شئ..لا تدرى حتى الآن كيف باحت له بما لم تبح به لمخلوق....صمت طويلا مفكرا ثم عرض عليها العمل معه فى الشركة لتوافق على الفور ..منحها مبلغ من المال لتبحث عن مسكن قريب..وفى نفس اليوم تقابلت مع صديقتها نهاد وهي فى رحلة البحث تلك..لتسكن معها..وتشعر بالحياة وأخيرا تفتح لها ذراعيها من جديد..ومع مرور الأيام فاجئها مراد بعرضه الزواج منها لتفاجئ اكثر بموافقتها التى أرجعتها وقتها لفضله الكبير عليها.. ولكنها أدركت بعد الزواج أنها وافقت على عرضه لأنها أحبته من النظرة الأولى..أفاقت من شرودها العيون الجميلة دى مش لازم تبكى وأنا موجود.
حركة بسيطة وكلمات أبسط منحاه ة من تلك الفتاة البسيطة رائعة الجمال..والتى منحته ماعجزت عن أن تمنحه إياه بشرى..منحته حب يظهر فى تلك العينين العشبيتين..وفى اهتمامها به وبكل ما يحبه ..ومنحته راحة فى الإستماع إليه وإلى ما يؤرقه ثم بكلمات بسيطة
نظرت إليه بلهفة قائلة
بجد يا مراد
قرب يحيي ملعقة الشوربة من فم رحمة لتفتح شفتيها رغما عنها وتشربها.. بعينيه..تشعر بيحيي يعود كما كان . ليكبح جماح نفسه بكل قوة ..كادت هي بدورها أن تستسلم لعشقها القديم ..أن هذا هو يحيي من ظن بها السوء رغم
نهض يحيي قائلا فى توتر
انا هخلى روحية تيجى تأكلك...
قاطعته قائلة
لو سمحت متتعبهاش..أنا هاكل لوحدى.
متأكدة
أومأت برأسها ليقول مكررا
هتاكلى يا رحمة..قلة الأكل مش كويسة علشانك.
وكأنه يهتم إن عاشت أو ماټت..لتقول بعصبية
انا مش طفلة صغيرة على فكرة..ولما أقول هاكل يبقى هاكل..بطل تعاملنى معاملة الأطفال يايحيي..إنت كدة بتخنقنى.
إبتسم بسخرية قائلا
الاحسن إنى أعاملك كطفلة..صدقينى.. ما هو إنى اعتبرك طفلة صغيرة مش عارفة مصلحتها
أغروقت عيناها بالدموع ولكنها أطرقت برأسها حتى لايرى دموعها وضعفها..بينما هو شعر بالندم فور نطقه لتلك الكلمات وهو يرى شحوب وجهها ولكنه أدرك أنه أراد بتلك الكلمات ان يثبت لها أنه ليس ضعيفا أمام سحرها كما ظهر منه..وأنها لا تؤثر به بتاتا..أراد ان يوضح لها رأيه فيها حتى لا تنتابها الشكوك حول مشاعره ورغم انه أراد ان يبثها كل ذلك إلا أن إطراقة رأسها ومظهرها الضعيف الآن جعلاه يشعر بالندم على تفوهه بتلك الكلمات الفارغة ..يدرك أنه إن تركها الآن فلن تأكل وربما حدث لها شيئا وهو لن يسمح بإصابتها بأي سوء..ليعاود الجلوس
فكرى يابشرى..فكرى..إيه..افكارك الجهنمية راحت فيندماغك دى صدت ولا إيهأكيد من قلة إستعمالها ..بقالك كتير راكناها على الرف..لكن آن الأوان تستخدميها عشان تزيحى العقربة رحمة من طريقك ..بس هتظبطيها إزاي بس
لتزفر قائلة
طول ما أنا عايشة فى التوتر ده وهي أدامى مش هعرف أفكر وأدبرلها مصېبة تاخدها من وشى..وأخلى الطريق يفضالى بقى..كل اللى هيحصل إنى هتعصب وأغلط وأزعل يحيي منى وبس.
لتلتمع عيناها وهي تقول
أيوة ..أحسن حاجة أروح لأخو جدى هاشم البلد..أيوة هروح للحاج صالح ..هناك هدوء وهعرف أفكر براحتى وبالمرة أجدد علاقتى بيهم ..جايز أحتاجلهم فى خطتى.
لتبتسم بإنتصار قائلة
أما إنتى عليكى دماغ يابشرى...ألماس.
لتطلق ضحكة ساخرة ..وهي تمنى نفسها بقرب الخلاص نهائيا .....من رحمة.
إستيقظ مراد ليجد شروق نائمة
نظرة أخيرة قبل ان ينهض بحذر..حتى لا يوقظها..فلا طاقة له اليوم برؤية حزنها لرحيله كما يحدث عادة ..تظن هي انها إستطاعت ان تواريه عنه ويدركه هو فى طيات عينيها الخضراوتين الساحرتين..نافذته التى يستطيع من خلالها رؤية مكنون قلبها..تنهد بحزن..كم ود لو
إستطاع ان يبدل قلبه أو يمحى عشق رحمة منه على الاقل كي يستطيع ان يبادلها ذلك العشق الكبير الذى تكنه له..ولكنه للأسف لا يستطيع..رغم انه أدرك مؤخرا حقيقة غابت عنه طوال حياته وهي أن أخاه يعشق رحمة.. والمصېبة الأكبر