رحله الآثام منال سالم
تجيب على سؤالها بآخر مراوغ وبصوتها لمحة استنكار شاب مين راحت تصف مظهره الجسماني مستخدمة يديها في التوضيح أبو شعر مسبسب واللي طوله جايب السقف وكتافه ضة ده أنا حتى معرفتش أشوفك منه. نفخت عاليا وأجابتها وقد فهمت من تقصد بكلامها المتواري ده الدكتور مهاب رئيس قسم الجراحة. التمعت عيناها بقدر من الحسد ومالت عليها لتقول بغمزة خاطفة يا وعدي مسئول القسم بذات نفسه. ثم الت في وقفتها وصفقت بيديها في غبطة وهي تخبرها بيضالك في القفص يا توتو! دفعتها من كتفها لتمر وهي تغمغم في صبر شبه نافد استغفر الله العظيم بلاش نبر الله يكرمك ده مجرد زميل هتألفي حوار من غير ما يكون في حاجة أصلا! ضحكت من خلفها وقالت بسماجة هي بتبدأ بكده. أطبقت على جفنيها للحظة أن تهمس في حنق مزعوج خلصني يا رب منها. لازمتها ابتهال معظم الوقت محاولة اكتشاف ما تفعله في هذا المى الضخم بالإضافة لفرض نفسها على الآخرين وكأنها تعتقد بذلك أنها ذات قدرة فائقة على صنع الصداقات من العدم رغم تحفظ المعظم في التعامل معها. على عكس ما تخيلت صار كل شيء سلسا منظما وبدون أدنى متاعب لتجد نفسها بعد عدة أيام تستقل الطائرة إلى جوار مهاب الجندي تلبية لدعوته المميزة لحضور هذا المؤتمر الطبي المقام في إحدى الدول الأوربية. كانت هذه زيارتها الأولى لبلد كهذا فتحمست كثيرا ولم تبخل على نفسها للاستمتاع بأيامها هناك. لم ت في الظهور بمظهر متدن أمامه فاحتارت وتحيرت فيما تأخذ من ثياب بالكاد اشترت من نفقاتها ما وجدته ملائما بعد جولة في المحال التجارية وفي نفس الوقت يبث الدفء لجسدها. تململت في جلستها والتفتت ناظرة إليه عندما سألها في اهتمام مبسوطة هزت رأسها مرددة في الحال أكيد. سألها مرة أخرى ما أول مرة ليكي صح أجابته بإيماءة خفيفة أيوه. في جرأة مدروسة امتدت يده ليضعها فوق كفها المبسوط على مسند الأريكة ورفعت نظرها لتحدق فيه بفم شبه مفتوح فحافظ على ثبات بسمته المنمقة وهو يخاطبها ومش هتكون الأخيرة طالما إنتي معايا. لم تعرف بماذا تعلق فكل ما يفعله من تودد مقنع يوحي بانجذابه إليها اكتفت بالابتسام خجل ثم قامت بسحب يدها من أ في تحرج لتحدق في النافذة البيضاوية المجاورة لها وهي تشعر بتدافع دقات قلبها. التصقت بتيها ابتسامة سعيدة للغاية لم تنجح في إخفائها وكيف لها أن تواري عن فرحة تشعر في أعماقها أنها باتت وشيكة الحدوث لفحتها برودة غير عادية عندما وطأت قدماها خارج المطار فضمت ياقتي معطفها الأسود ونظرت إلى السماء فكانت ملبدة بالغيوم الرمادية انكمشت على نفسها محاولة مقاومة إحساس البرد الذي تغلل إلى أطرافها وتفشى في جسدها كسرعة البرق. أحست تهاني بيد تتلمس ظهرها فانتفضت بقلق ونظرت جانبها لتجد مهاب يخاطبها العربية واقفة هناك. نظرت إلى حيث أشار بعينه فرأت سيارة ليموزين سوداء اللون تربض بمحاذاة الرصيف يقف أمام بابها الخلفي أحدهم وكأنه في انتظارهما. تركته يقودها إليها وهي تسير بتعجل محاولة تصديق أنها حقا ستركب واحدة كتلك. استقرت بالمقعد الخلفي إلى جواره وشعرت بشيء من الدفء يتسلل إليها غاصت بالمقعد وتركت ش الا يلفها ثم ألقت نظرة مټألمة لما يطوف عليه بصرها عبر النافذة حقا بهر نظرها كل ما تعايشه من فخامة ورقي حتى في الاستقبال والمعاملة شعرت وكأنها ملكة متوجة والخدم يتراصون عند قدميها لتنفيذ كل ما ت فيه دون نقاش كم ودت أن تدوم هذه اللحظات إلى الأبد فلا تفيق من حلم الراحة والتدلل مطلقا! آنئذ طاف ببالها لمحات مقتضبة لواقعها البائس في الحارة الشعبية وما بها من مظاهر بؤس وفقر مدقع بالكاد نفدت بجلدها وطفت على سطح ذلك المستنقع أن تفر منه بأعجوبة آه لو لم تعاند وتتشبث بقرارها بالسفر لربما كانت الآن تجلس عند قدمي ذلك النقاش تدعكهما بالماء والملح! ابتسمت في سخرية مريرة أن تترك ما يزعجها جانبا وتركز كل اهتمامها على ما تنعم به حاليا. أحضرها مهاب من شرودها الصامت بكلامه المرتب وهو يرت من كأس المشروب الملاصق لجانبه من السيارة احنا هنروح افتتاحية المؤتمر الأول وبعد كده هنطلع على الفندق نرتاح شوية. تفاجأت بإقباله على شرب الخمر ووارت ذلك الش بالضيق خلف ابتسامة لبقة مرسومة بعناية هزت رأسها بتفهم فأكمل ما وكأنه ي وعدا لها بس بعد كده هخدك في جولة بالبلد هنا ممكن تقولي فسحة على مزاجك. بدت سعيدة بهذا الاقتراح وتكلمت في رعشة خفيفة أنا متخيلتش إن المكان ساقع كده. أخبرها وهو يميل ناحيتها بعدما ترك كأسه في موضعه أوروبا معروفة بجوها البارد. ثم أمسك بكفها ليحتضنه بين راحتيه نظرت له مدهوشة وقد صدمها بما يفعل لم يحرر يدها رغم محاولتها استعادتها وأطبق عليها بين أعه في قوة طفيفة ليدلك بشرتها برفق وفي حركة دائرية خفيفة أن يرمقها بهذه النظرة القريبة وهو يهمس لها بإيحاء خطېر إنتي بس محتاجة تدفي شوية وأنا عارف حل ده إزاي. طالعته عن كثب مستشعرة الحرارة المنبعثة من جسده حينما صار قريبا منها إحساسها كأنثى لا ېكذب هو يشعر بالميل تجاهها سحبت يدها قائلة برسمية مقنعة وهي تبتعد عنه ميرسي يا د. مهاب حضرتك إنسان ما تكون دكتور. أرادت تذكيره بما هو عليه بالنسبة لها ليستفيق من دوامة الخيالات التي استحوذت عليه جراء ما تجرع لدهشتها لم يتحرك وظل مائلا تجاهها ليخبرها بمكر بس معاكي بكون حد تاني خالص مختلف عن اللي اتعودت عليه. كلامه المعسول وما على هذه الشاكلة من تنهيدات مفعمة بالأشواق والأمنيات اخترق وجدانها وأسكرها بلا شرب فرجت بشدة أن يحدث المراد وتتخذ تهما إن كانت جادة حقا شكلا رسميا. تحفظت في الرد عليه وهي تضع يدها على ياقة معطفها أنا مش واخدة عليك ضحك تمتاع أن يوضح لها احتجت على تبريره قائلة بشيء من الھجوم أظنه مايناسبنيش. حافظ على بسمته المتسلية وهو يخبرها لأنك بس مش متعودة. زادت من نقدها الحاد له وهي ترد عليه المفروض حضرتك دكتور مهم رئيس قسم الجراحة ومحتاج تكون مركز إزاي هتقدر تقوم بعملية وإنت يعني.. مش في وعيك!! أدار دفة الحديث المهاجم له ووجهها إلى شيء مغاير أراد به أن يصيب هدفه في م دون عناء فسألها بجدية لا تخلو من الابتسام إنتي خاېفة عليا تحرجت نسبيا من نظراته وطريقة سؤاله فتنحنحت أن ترد حاجة زي كده! ليزيد من حبك حبائله الماكرة عليها أوهمها أنه يخشى من إغضابها فضغط على زر فتح النافذة الملاصقة له لتبصره وهو يمسك بالكأس ليلقي به ومن ورائه زجاجة الخمر انفرجت تاها في دهشة أكبر فأغلق النافذة واستطرد قائلا بهذه النبرة العذبة وعيناه لا تحيدان على تأمل وجهها أنا حقيقي محظوظ إن بقى في حياتي واحدة زيك تهتم بيا عادة محدش بيقولي لأ أو حتى بيفكر يعارضني. عاد شها بالة يغمرها من رأسها لأخمص قدميها انطلت عليه خدعته وظنت أنها ذات تأثير قوي عليه فقالت بثقة مغترة ده لأنهم مش أنا. قال مؤكدا لها بنظرة عميقة إنتي فعلا مختلفة. تباطأت سرعة السيارة فالتفتت لناحيتها لتمعن النظر خارج النافذة رأت إحدى واجهات الفنادق القة تحجب السماء عنها فتساءلت باهتمام هو احنا وصلنا قال وهو يستعد للنزول من السيارة أيوه يالا بينا. تبعته بعينيها المتشوقتين وهو يترجل ها ليقوم أحدهم تقباله في حفاوة وكأن نجما لامعا قد جاء في زيارة رسمية إلى هنا. ليسرع بعدئذ أحد العاملين بهذا الفندق لفتح بابها حتى تهبط هي الأخرى تضاعف شها المستمتع بما يقدمه الحظ لها في غفلة من الزمن تعهدت لنفسها بعزيمة وهي تن بكتفيها في كبرياء ورفعة ونظراتها و إلى ما هو أبعد بكرة أخليه يتغير ويعمل اللي أنا عاوزاه !! يتبع الفصل السادس الفصل السادس الاشتياق المر فرغ المصلون من أداء صلاة العصر ليجتمعوا بعدئذ في الخلفية على شكل حلقات دائرية ليوا بأحدهم وعلى وجوههم ابتسامات سعيدة ومبتهجة فاليوم هو موعد عقد قران بدري على من اختارها لتكون شريكته في الحياة. تأنق الأخير في ثياب جديدة تمثلت في سروال من القماش ذي اللون الرمادي ومن وضع ا أبيض اللون. جلس القرفصاء بجوار المأذون ومن خلفه جثا عوض على ركبتيه واستند بيده على كتفه ليدعمه أن يستطرد متحدثا ربنا يجعلها جوازة الهنا عليك. رد ما يا رب. بدأت المراسم بعد قراءة الفاتحة والابتهال للمولى عز وجل بينما انتظرت النساء في المصلى الخاص بالسيدات يتن بحماس وتلهف إتمام العقد على خير. كانت فردوس قد ارتدت وضة. تغاضت عن النظرات غير المريحة من والدة سها وحادت ببصرها عنها لتركز في الأرابسك الخشبي الفاصل بين جزء الرجال ومصلى السيدات محاولة رؤية ما يحدث عبر الفتحات الصغيرة الضيقة. التفتت ناظرة إلى أمها عندما مالت عليها لتخاطبها في أذنها بشيء من الحزن مش كنا عرفنا أختك تأملتها بنظرات شبه مغتاظة وردت بلا أدنى ذرة تعاطف هي يعني كانت اتصلت ولا سألت من ساعة آخر مرة!! أصرت عقيلة على إيجاد المبررات لجفاء ابنتها المتواصل فقالت أهوو كنا بعتنا ليها جواب على الأقل بدل ما تبقى آخر من يعلم بجوازك. صدقيني يامه احنا مش فارقين معاها ولا حتى جايين في دماغها أصلا. ربنا يردك يا بنتي بالسلامة. حادت فردوس ببصرها عن أمها وتطلعت إلى خشب الأرابسك لتردد بسخط في غير صوت اللي زي تهاني مصدق إنه نفذ بجلده من هنا تقوليلي تفتكرنا!! ما إن ولجت لداخل استقبال الفندق الفخم حتى انبهرت نظراتها بما أبصرته في البهو الفسيح وراحت تستك بعينين فضوليتين ما ي بها من لوحات إبداعية وتصاميم مميزة وديكورات زاخرة كل ما حولها أشار إلى الرقي والثراء الفاحش. سارت تهاني على بلاط أملس ويلمع كالزجاج فخشيت أن يخدشه كعب حذائها لذا كانت تتحرس كثيرل في مشيها وتحاول أن تبدو خفيفة الخطى رأت كيف يتعامل كل من يقابل مهاب بوقار وتقدير وكأنه أحد أهم النزلاء هنا وضعت على وجهها ابتسامة صغيرة ناعمة ونظرت إليه بنظرة حالمة كم تمنت حقا أن تظل هكذا ملتصقة به فتعامل كالملكات دوما! اصطحبهما أحد العاملين بالفندق عبر الردهة إلى القاعة المقام بها المؤتمر وهناك رأت ما فاق مخيلتها من تجهيزات عالية منصة كبيرة في المقدمة مزدانة بمفرش أبيض اللون بالإضافة لطاولات مستديرة وضع ا باقات ورد