ضروب العشق ل ندا محمود
على عكس أشقائه .. ما بين العمل والمواظبة على الصلاة في المسجد وقراءة القرآن الكريم يوميا وسط محاولات والدته أن يتزوج ولكنه يرفض بحجة أنه لا يريد فتاة من فتيات هذه الأيام ويريدها على خلق ودين واحترام حتى يسلم لها نفسه واسمه على طبق من ذهب ويكون واثق أنها ستحافظ عليها ! .
ولكن هل هناك انسان لم يرتكب ذنوب في حياته ! وهو أيضا لديه جانبه الأسود وربما من الأفضل أن تبقى بعض القصص ناقصة إلى بعد حين ! .
_ إيه يازين اتأخرت كدا ليه النهردا أنا طلعت قبلك الصبح وقولت إنت هتاجي ورايا !
أجابه بصوت منهك وضعيف
_ أنا مكنتش هاجي أساسا يا كرم من امبارح بليل تعبان بس قولت هقعد في البيت أعمل إيه .. الحمدلله دلوقتي بقيت أحسن
اقترب وجلس على المقعد المقابل له وهو يهتف بضيق
_ يعني هي أول مرة ياكرم ماهو من حياة بابا الله يرحمه كنا متعودين إننا في عيد الفطر بنعزم العيلة كلها واللي أخرها المرة دي المشاكل اللي كانت حاصلة
هتف مخټنقا بنفاذ صبر
_ الواحد النهردا ملوش خلق لأي حاجة مش أنه يقعد مع العيلة اصلا
لم يجيبه بل كان صامتا يحدق في اللاشيء بشرود فيغمغم كرم بحدة ممزوجة بالاشفاق
نظر له وقال بصرامة شديدة وإصرار
_ لأن ضميري مش مرتاح ومش هيرتاح غير لما أكفر عن ذنبي ..
أنا ليا عشر سنين بكفر عن ذنب بالصلاة والاستغفار وبطلب من ربنا العفو والمغفرة والذنب التاني مش عارف أكفر عنه بس قريب أوي إن شاء الله
تنهد الصعداء بيأس وقرر تغيير مجرى الحديث حيث قال بتذكر
تغيرت ملامحه عند ذكر شقيقهم الصغير وصاح منفعلا
_ متجبليش سيرته البيه طلع مقضيها شرب وسهر وقذارة من فترة واحنا منعرفش حاجة .. ولما حاولت اتكلم معاه واعقله مفيش فايدة منه بس اقسم بالله لو استمر في اللي بيعمله ده ما هيقعد في البيت يوم واحد تاني
ابتسم بعذوبة وتمتم برزانة وثقة
_ سبهولي أنا بعرف اتعامل معاه هدى نفسك ياوحش بس
شفق
تلك الشابة الجميلة التي في نهاية عقدها الثاني .. يتهاتف الشباب عليها لجمالها المغري ! . تمتلك قامة قصيرو بعض الشيء وجسد متناسق عينان بندقيتين واسعتان يلمعان في ضوء النهار وبشرة بيضاء ناصعة مع ابتسامة ساحرية .. وفوق كل هذا الجمال يشهد الجميع لها بشفق الفتاة المهذبة والخلوقة التي نجحت عائلتها الصغيرة في تربيتها تربية صالحة وصحيحة .
داخل مقر جامعة الهندسة .....
تجلس بجانب صديقتها فتقطع الصمت هاتفة
_ عملتي إيه مع عمر
إجابتها شفق بأسى بعد ذكره أمامها
_ لسا زي ما هو بيحاول يكلمني وأنا رافضة إمبارح كلمني وقولتله اللي المفروض يتقال وإنه لو فعلا عايزاني ياخد رقم أخويا ويتكلم معاه غير كدا مفيش حاجة بينا
تأججت نيران الغيرة في أعشاش صديقتها فهي لا تعرف سبب تمسك بهذه الساذجة وتخبرها بكل بساطة أنها تريد ارتباطهم الرسمي .. يجب عليها أنأولا حتى تحدث هذه التفاهات ! .
في المساء ......
داخل قسم الشرطة يحتسى كل منهم قهوته في صمت تام وبعد دقائق يقرر كرم
أن يخترق فقاعة الصمة قائلا بتريث
_ وصلت لحاجة يا سيف ولا لسا
قال بخيبة أمل
_ للأسف لسا إنت عارف إن من ساعة اللي حصل والواد ده مختفي
بس هيروح من البوليس فين مسيرنا هنجيبه
رمقه بنظرة ڼارية وهتف بصوت مريب قليلا
_ سيف إنت قولت هتساعدني وأنا وافقت يبقى كل اللي عليك تساعدني اوصله والباقي عليا أنا ومتقلقش لماواشفي غليلي وإنت تطبق عليا القانون مش هزعل منك
تأفف الآخر پغضب هادر وهو يصيح به بنبرة مرتفعة
_ إنت دماغك دي فين عايز وتضيع نفسك عشان ده يبقى إيه الفرق بينك وبينه كدا بعدين أنا قولتلك هساعدك نوصله وياخد جزائه مش عشان اسلمه ليك بلاش جنان وأعقل ياكرم وفكر منطقية مراتك الله يرحمها خلاص مش هيبقى مۏت وخړاب ديار
ضړب بقبضة يده على سطح المكتب مغمغما بنبرة خاڤتة لا تدل على خير
_ بيك أو منغيرك ياسيف هوصله وهاخد حق مراتي بإيدي
أخذ يزفر النيران من فمه مغتاظا من هذا العنيد وقرر أن يغير مجرى الحديث حتى لا ينفعل عليه كالعادة ويهتف برزانة
_ طيب خلاص ياصاحبي اهدى وسيبك من الموضوع ده دلوقتي .. إيه الأخبار معاك
_ تمام الحمدلله .. صحيح عاملة إيه والدتك
أجابه مبتسما بمداعبة عند ذكر أمه
_ زي الفل أنا بشك إن إنت اللي ابنها مش أنا ياراجل دي بتدعيلك أكتر ما بتدعيلي نفسي أفهم إيه سر حبها فيك للدرجة دي !
بادله الابتسامة ولكنها كانت ابتسامة صافية شبه خجلة على عادته وهو يجيبه باحترام
_ والله ربنا يعلم ياسيف أمك دي معزتها في معزة أمي بظبط ربنا يخليها ليكم يارب
_ آمييين آه قبل ما انسى سيادتك معزوم عندنا بكرا
ومفيش أعذار لإن الست الوالدة مبتقبلش بأعذار لما يكون الموضوع يخصك ولعلمك بكرا في وليمة من اللي يحبها قلبك قعدت تسألني هو بيحب إيه في الأكل وأنا اتوصيت بيك الصراحة
قهقه بخفة وأجابه بالموافقة في هدوء
_ ماشي يا سيف هاجي إن شاء الله بس قولها ملوش لزوم تتعب نفسها أنا هاجي بس عشان مزعلهاش
ربما هو يجهل سبب حب الجميع له ولكن أفعاله واحترامه يجبر كل من يراه على احترامه وتقديره .
داخل منزل عائلة العمايري الذي يتكون من طابقين تحيط به حديقة كبيرة بعض الشيء كانت العائلة متجمعة في الحديقة يتبادلون الأحاديث والمرح والضحك ولكن كان التجمع العائلي ناقصا بعض الأفراد .
هتف طاهر بتساءل محدثا ابن أخيه الكبير
_ امال فين كرم يازين
صمت قليلا وهو يتذكر طلب أخيه منه أن يتحجج لهم بأي شيء فهو ليس في وضع يسمح له بمقابلة أحد وربما يقضي الليلة في منزله الذي كان يخطط للزواج فيه فتنهد بعمق وتمتم مبتسما دون أن ېكذب
_ كرم والله ياعمي الفترة دي مضايق شوية وقالي اعتذر منكم بالنيابة عنه إنه مش هيقدر ياجي
قطع حديثهم قدوم هذه الفتاة الشابة ابنة محمد العمايري الصغرى وهو تحمل الشاي على صينية كبيرة وتلف بها على أفراد العائلة كلها فيلتقط كل منهم كأسا ويبدأ في احتسائه حتى هتفت العمة الكبرى محدثة حسن بمشاكسة
_ مش ناوي بقى تعقل ياحسن وتفرحنا بيك
ابتسم لمشاكسة عمته وأجابها ضاحكا
_ هو مفيش غيري في العيلة ولا إيه ياجماعة أنا الحمدلله مرتاح في حياة العزوبية
لاحظ نظرات أخيه المشټعلة له فأشاح بوجهه وهو يتأفف بعد أن فهم سبب نظراته ولكن انسحاب فردا من جلستهم وهو يبدو على ملامحه الاستياء فأوقفتها أمها قائلة باستغراب
_ رايحة فين يايسر
أجابت بقرف وهي ټخطف نظرة ڼارية لحسن
_ رايحة الحمام ياماما
ثم اندفعت من أمامهم لداخل المنزل فلم تتمكن من البقاء في هذه الجلسة العائلية بعد أن تم ذكر الزواج أمامها مجددا وأعادوا لذاكرتها اللحظات من جديد عندما رفضها أمام الجميع ومنذ هذه اللحظة تسأل نفسها هل هي قبيحة لهذه الدرجة الذي تجعله يرفضها رفضا قاطعا أمام كل أفراد العائلة .
اتجهت للمطبخ والتقطت كأسا وسكبت الماء الباردة فيه ثم تناولتها دفعة واحدة لعلها تخفف من النيران المتأججة في قلبها وإذا بها بعد دقائق تجده ينضم لها ويأخذ أحد أكواب الماء أيضا ويتمتم ببرود ونبرة غير مبالية بعد أن فهم سبب انسحابها من جلستهم
_ أنا أكيد مكنش قصدي إني أرفضك قدام الكل زمان .. بس ...
وضعت الكوب على الرخامة بقوة مما أصدر صوتا هيأ له أنه انكسر وهتفت بحدة وحزم
_ عن أذنك ياحسن !
همت بالالتفات والرحيل ولكنه قبض على ذراعها يرغمها على الوقوف هاتفا باعتذار بدى لها غير صادق فقط يحاول أن يخلص ضميره من الذنب الذي ارتكبه في حقها
_ أنا آسف لو اللي عملته لسا مأثر فيكي لغاية دلوقتي ومخليكي متعصبة مني أنا قولتلك إني مكنش قصدي .. بابا الله يرحمه فاجأني مرة واحد احنا وقاعدين وأنا مكنتش بفكر في الجواز ولا زالت مبفكرش فيه
نظرت ليده القابضة على ذراعها فابتسمت بسخرية وأبعدتها عنها برفق ثم همست بصوت يشابه فحيح الأفعى
_ مأثر فيا
!!! يبقى يؤسفني إني أقولك إنك متعرفش أي حاجة عني يا ابن عمي .. أنا مش ببص ورايا ببص قدامي بس مبنساش اللي فات فعشان كدا
حاول تخلي تصرفاتك معايا بحدود وإياك تكرر اللي عملته من شوية ده تاني وإلا إنت اللي هتكون خسران لإني زي ما قولتلك من شوية إنت متعرفنيش فخليك حذر معايا
ثم استدارت وانصرفت تاركة إياه يحدق على آثارها بقرف وغطرسة مغمغما
_ بنت مقرفة بصحيح والله خسارة فيكي الاعتذار أساسا قال خليك حذر معايا إنتي تطولي أصلا لما المسک !! .. وعاملة نفسها مش طيقاني وهي واقعة في دباديبي
خرجت من الحمام وهو تنشف شعرها وترتدي ملابس المنزل خاصتها .تفكر فيما عرضته عليها والدتها صباح اليوم عن صديقة لها لديها ابن وتبحث له عن عروس واختارتها هي العروس لابنها ! كيف تدخل في
علاقة جديدة وهي لا زالت لم تخرج من السابقة لا زال خطيبها السابق يعيش في أعماقها ومع ذلك اعطتها والدته الوقت الكافي للتفكير والرد دون تسرع وأن تفكر بمصلحتها قبل كل شيء ! .
جذب انتباهها صوت هاتفها الذي لم يتوقف عن الرنين منذ أن كانت في الحمام فالتقطته لتجيب على هذا الرقم المجهول
_ الو مين
تجمدت دمائها عند سماعه صوته الذي لا تخطىء في تحديده من بين مائة رجل
_ ملاذ ابوس إيدك ما تقفلي إنتي فاهمة الموضوع غلط أنا بحبك ومستحيل اخونك
صاحت به باندفاع بعد أن انسالت الدموع على وجنتيها
_ كذاب يا أحمد أنا شوفتك بعيني محدش حكالي وكل حاجة بينا انتهت خلاص وإياك تفكر تتصل بيا تاني
همت