روايه بقلم سهام العدل
السيارة ينظر بين كل حين وآخر إلى الكرسي الخلفي ليطمئن على يزيد بينما هي تجلس بجواره تحمل يزن الذي سرعان ما استغرق في النوم عندما بدأت السيارة في السير.
ابتسم عندما وجد يزيد هو الآخر نام قبل منتصف الطريق وقال يزيد كمان نام وأنا اللي كنت فاكر إننا هنسهر للصبح
ابتسمت على إبتسامته التي جعلته أجمل اليوم وزادت من وسامته الخاطفة للأنظار أينما حل وقالت بهدوء مكنتش أعرف إنك بتحب يزيد كده
من أول مرة شوفته وهو لسه بيبي بقاله ساعات وكان دايما حبه بيزيد ف قلبي كل أما يكبر وأما صبا ماټت وجعني أوي طفل هيتحرم من أمه مدى الحياة تعلقي به تضاعف وخصوصا أنه كان بيقضي معظم الوقت معايا قبل ما غصون تتحمل مسئوليتهم
نظرت له بحب وقالت تعرف انك هتكون أب ممتاز
انكمشت ملامحه المنبسطة ولم يرد عليها فظلت صامتة بعدها فترة حتى لمحت شيئا من نافذة السيارة وقالت ممكن اطلب منك طلب
قالت بنبرة طفولية نفسي آكل درة مشوي
أوقف السيارة في الحال ثم عاد بها إلى الخلف قليلا حتى وجد بائع الذرة ثم أوقفها وهبط من السيارة لدقائق عائدا يحمل في يده اثنتين من الذرة ركب السيارة ثم أعطاها الذرة فناولته إحداهما قائلة خد واحدة وأنا واحدة
رد عليها بهدوء لا مش عايز خليهم عشانك
ردت عليه أنا هطلع بيزن معاك
وبالفعل صعدت تحمل يزن بجواره حتى وصلوا إلى الشقة فأدخل يزيد إلى غرفتها التي تحوي سريرين ووضع يزيد على أحدهما والټفت حمل يزن ووضعه بجواره فارتمت هي على السرير المقابل تلتقط أنفاسها فقال لها بصوت هادىء أنا هسيب الولدين هنا عشان دخان السجاير ميأذيش حد فيهم
فهز رأسه نافيا ثم غادر الغرفة.
بدلت ملابسها وخرجت بعدها من الغرفة تذهب إلى المطبخ لجلب زجاجة ماء وجدته يتناول قطعة من الخبز مع قطعة من الجبن أنا مش قولتلك اعمل تآكل
رد عليها أنا هعمل ساندوتش جبنة وأنام
نظرت له بحيرة وأخذت الماء عائدة إلى غرفتها سمعت صوت يزيد ينادي عمه فترك آسر مافي أقل من الساعة وتفاجأت سدرة بآسر يغلبه النوم مع يزيد دون أن يشعر فنهضت بهدوء وسحبت عليهما الغطاء ثم اتجهت لتطفئ الضوء ولكنها توقفت
عاد بها إلى المنزل بعد صمت لازمهما منذ أن كانا في منزل ياسمين لم ينطق أحدهما بكلمة رافقته في السيارة ملتزمة الصمت تاركة له المساحة التي يريدها وهو في تلك الحالة وعندما عادت معه دخلت بهدوء ولم تتحدث حتى رأته يتجه ليصعد السلم المؤدي لغرف النوم فاستوقفته قائلة أحضرلك العشا
قالت بحزن وخرج أنا آسفة يادكتور ياسر
الټفت لها بعدما سمع ذلك وسألها بهدوء آسفة على إيه يا غصون
ردت عليه بتوتر آسفة على الحالة اللي انت فيها آسفة على الۏجع اللي أنت حاسه دلوقتي
تعجب من
كلامها وقال بهدوء أنا كويس ومفيش اي حاجة انتي تقصدي إيه
ابتلعت ريقها وقالت بحرج أنت مش كويس أنت حزين من جواك عشان مراتك ربنا يرحمها بس أنا والله ماكنت أتمنى أكون في يوم سبب حزنك وتعاستك أنا آسفة يا دكتور ياسر
اقترب منها وأمسك يدها قائلا تعالي ياغصون عايز اتكلم معاكي
جلست بجواره على الأريكة القريبة منهما فبدأ حديثه قائلا أنتي ملكيش ذنب ف الحالة اللي أنا عليها حاليا بالعكس أنا اللي طلبت منك ده وأنتي اتنازلتي عن حقوق كتير لكي ووافقتي وأنا ممنون لكي بكده عشان كده متحمليش نفسك ذنب معملتيهوش وأنا كويس جدا هو شوية إرهاق عمل وهيروحوا على طول
ابتسمت له بمجاملة ولم ترد فاستكمل قائلا وكمان بلاش دكتور ياسر دي من هنا ورايح انا ياسر بس زي ما ياسمين اختي ياسمين بس من غير مدام انتي مش أقل من حد يا غصون وزي ما قولتلك قبل كده البيت ده بقى بيتك ودي مملكتك خدي راحتك زي ماتحبي بس أهم شيء ثم هدأت نبرته متغيريش فيه اي حاجة لأن كل ركن فيه له ذكريات معاياوهنا علت نبرته مرة أخرى بس أوضتك لو حبيتي أغيرها وأجبلك أوضة جديدة أنا موافق
ردت عليه بإندفاع لا مش محتاجة أغير فيها حاجه انا بحبها كده
هز رأسه موافقا وقال تمام ولو احتجتي أي حاجة أنا موجود مش محتاجة أقولك إن الوضع اختلف عن قبل أما الولاد معنديش كلام اقوله لأني عارف كويس أنك بتهتمي بيهم عني
أطالت النظر في وجهه وهو يتحدث ونسيت خجلها في تلك اللحظة لاحظ ذلك فابتسم أخيرا ابتسامة صغيرة سرعان ما أخفاها وقال أهم حاجة عندي يا غصون عايزك تكوني قوية ومټخافيش من حد وأنا هساعدك تتغيري واعرفي دايما إني موجود ومعاكي وقت ما تحتاجيني
الفصل الثالث والعشرون
استيقظت بعد ساعات نوم قليلة نامتها بغير إرتياح بعدما حدث ليلة أمس فهي كادت ټموت خجلا بعدما حدث لا تعلم كيف ستواجهه وتنظر في وجهه بعدما حدث لذا وجدت أن أسلم حل أن تمثل النوم حتى يخرج من المنزل وبالفعل غطت وجهها حتى لا يعلم أنها إستيقظت ولكنها فجأة تذكرت وجود يزيد ويزن معهما في المنزل فنهضت جالسة تبحث بعينيها عنهما في الغرفة وجدتها خالية منهما فخرجت من فراشها ومن الغرفة تبحث عنهم وجدتهم يقفان حول آسر في المطبخ يمازحهما وهو يعد الفطور عندما لمحها أخفضت بصرها خجلا ودخلت المطبخ تقول بحرج صباح الخير
رد عليها يزيد صباح الخير يا طنط
ابتسمت له ومسحت على شعره ثم وجهت حديثها لآسر الذي يرص الأطباق على المنضدة الموجودة داخل المطبخ وقالت مصحتنيش ليه وأنا كنت جهزت الفطار بدل ماتتعب نفسك
انحني يحمل يزن يجلسه على أحد الكراسى حول المنضدة وهو يقول بهدوء لقيتك نايمة مرضتش أقلقك.. ثم وجه كلامه ليزيد ياللا يابطل اقعد عشان تفطر
وبالفعل جلس يزيد بإبتسامة على الكرسي المجاور لأخيه ثم جلس آسر وقال موجها حديثه لها دون أن ينظر لها اقعدي أنتي كمان افطري معانا
لم ترد عليه وجلست جواره بهدوء وشرود فهو ليس على طبيعته معها تغير بعدما بدأ أن يعاملها كصديقة ورفيقة له وأنسبت ذلك لفعلتها الوقحة ليلة أمس.. فبالتأكيد قد تأكدت ظنونه فيها بالسوء وبعد ذلك سيقرر إنهاء تلك العلاقة سريعا كيف سيثق فيها وهي بتلك السفاهة.
هو الآخر يجلس شاردا فهو لم تغمض له عين منذ ما حدث ليلة أمس طوال الليل يتقلب في فراشه لائما نفسه وحائرا منها فلقد قرر تخطي ماحدث ولو لفترة وأخذ هدنة معها وإتخاذها صديقة له وبالفعل وجد راحة في ذلك بالأسبوع الذي مضي كان يشاركها معظم الوجبات ويشاهد معها التلفاز ويحكي لها بعض المواقف المٹيرة للإهتمام التي تحدث في عمله ولكن لم يتوقع أن يصل الأمر لهذا الحد لقد كان ېحترق شوقا لقربها كيف له أن يضعف كذلك من مجرد لمسات من يدها وهي التي قد دهست قلبه وأحړقته وأهدرت كرامته كيف أن يصبح قربها مصدر سعادة له بعدما أتعست أجمل أيام حياته كيف له أن يتمنى سعادتها وهي من أشقت قلبه إلى الأبد.
أفكار متضاربة تعصف برأسه طوال الليل ويشكر ربه أنه لم يضعف ويسحبها إلى غرفته حينها كان سيندم ويحتقر نفسه إلى الأبد تمنى لو لم يكن ولدي أخيه معه اليوم لكان غادر الشقة منذ الصباح الباكر ولم يعد حتى يهدأ من تلك الأفكار وتلك المشاعر.
لم يستطع تناول شئ فنهض مغادرا المطبخ فاستوقفته قائلة أنت مأكلتش حاجة
رد عليها دون أن يلتفت لها شبعت الحمد لله
تحدث يزيد أنت مش هتلعب معايا زي ما وعدتني
الټفت ليزيد مبتسما وقال هرتاح في أوضتي شوية وأرجع ألعب معاك
ابتسم له يزيد وبادله آسر الإبتسامة ثم غادر إلى غرفته.
انتظرت هي قليلا مع الولدين حتى فرغا من الطعام ثم قالت لهم تعالوا نتفرج على فيلم كرتون جميل أوي على أما أونكل آسر يجي يلعب معاكوا
ابتسم الولدان بسعادة وبالفعل أخذتهما إلى الصالة وأجلستهما أمام التلفاز ثم تركتهما بهدوء دون أن يشعرا واتجهت إلى غرفته طرقت الباب ثم فتحته دون أن تنتظر الرد دخلت وجدته يجلس على فراشه وبيده سېجارة والغرفة معبأة بالدخان.
رفع بصره لها ثم أخفضه نظرت له ثم سارت حتى النافذة وفتحت زجاجها ثم عادت إليه وجلست على طرف الفراش فأصبحت مقابلة له.
نفث دخان سيجارته ثم سألها دون أن ينظر لها سيبتي الولاد وجيتي ليه
شعرت بالحرج من أسلوبه معها وأيقنت بداخلها أنه حقا يستحقرها لما صدر منها ليلة أمس وتملكها الخۏف من قراره القادم فبالطبع سيعجل بالطلاق ليرتاح منها ومن ذلك الثقل التي أحملته له وإن كان ذلك سيكون قرار إعدامها بعدما تعلقت به وإمتلأ قلبها بحبه ولكن ذلك اليوم آت لا محالة امتلأت عينها بالدموع لتلك الفكرة ولكنها حاولت الثبات والشجاعة فنظرت له وقالت الولاد بيتفرجوا على الكرتون وأنا كنت جاية عايزة طلب
رد عليها بجمود عايزة إيه
ابتلعت ريقها وقالت عايزة أرجع شغلي
اعتدل في جلسته ونظر لها متسائلا ترجعي شغلك ليه ناقصك حاجة
نظرت له بإنكسار وقالت لا أبدا أنت مش مخليني محتاجة حاجة بس أنا كده كده رجعاه يبقى أرجعه من دلوقتي أحسن
أطفأ سيجارته وقال بحدة طول ماأنتي ف بيتي مش هترجعيه مش هسمح أكون نايم ف البيت وأنتي بايتة في المستشفي معرفش عنك حاجة ولا مع مين ولا بتعملي إيه أما نتطل
سلطت نظراتها على عينيه تستعطفهما وتستعطف قلبه ألا ينطقها فعلي الرغم من تيقنها أن ذلك سيكون يوما ولكنها الآن غير قادرة على تحمل ذلك فقاطعته وقالت بصوت مخټنق بالدموع عارفة إن عمرك ما هتثق فيا ومش هقدر أجبرك على كده مهما حاولت أثبت
لك إني مش زي ما أنت فاكر ومش بلومك على كده بس أنا بجد محتاجة شغلي دلوقتي أوي محتاجاه أوي
لانت ملامحه بعدما رآها بهذا الضعف والانكسار ورق قلبه لنبرة الرجاء التي في صوتها فسألها بهدوء خلاص عرفيني عايزة الشغل ليه وأنا هوافق
هنا أخفضت بصرها وتركت لدموعها العنان لتهبط بغزارة وقالت پقهر من بين دموعها عشان مش عايزة أرجع بيت أبويا مش عايزة أرجع لمرات أبويا تذلني في الداخلة والخارجة وأنا عارفة انك مبقتش مستحملني وقريب أوي هتسيبني عشان كده هظبط أموري من دلوقتي عشان أقدر